رغم مرور سنوات على تطبيقه .. لماذا لا يزال تعديل التوقيت بالمغرب يثير كل هذا الجدل؟ ومطالب بالعودة إلى التوقيت العالمي الموحد

يستعد المواطنون مجدداً لتعديل التوقيت بالمغرب بإضافة ساعة إلى التوقيت القانوني والانتقال إلى “غرينتش +1″، وهو الإجراء الذي لا يزال يثير جدلاً واسعاً رغم مرور أكثر من ست سنوات على تطبيقه بشكل دائم، ويعود هذا الجدل كل عام مع اقتراب تغيير الساعة حيث تتعالى أصوات الخبراء والمواطنين المطالبين بالعودة إلى التوقيت العالمي الموحد، مستندين إلى ما يرونه من تأثيرات سلبية نفسية وصحية واجتماعية، إضافة إلى محدودية الجدوى الاقتصادية المرجوة من هذا التعديل الزمني.

وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن استمرار اعتماد التوقيت الصيفي يحمل انعكاسات سلبية على الجانب النفسي للمواطنين، دون أن يقابله مردود اقتصادي يُذكر خاصة في ما يتعلق بتقليل استهلاك الطاقة، وأوضح جدري في تصريح إعلامي أن الجدل القائم حول تغيير الساعة في المغرب لا يرتبط فقط بالجوانب التقنية، بل يتعداها ليطال قضايا أعمق تتعلق بالهوية والانسجام مع النمط المعيشي اليومي للمواطن، وشدد على أن الغالبية من المغاربة يفضلون العودة إلى التوقيت العالمي الثابت، الذي يرونه أكثر ملاءمة لحياتهم اليومية وأقل تأثيراً على صحتهم النفسية.

خبير اقتصادي يشكك في الجدوى الاقتصادية للتوقيت الصيفي

في تحليله للانعكاسات الاقتصادية المرتبطة باعتماد الساعة الإضافية، قلل الخبير الاقتصادي محمد جدري من حجم المكاسب التي يمكن أن يجنيها المغرب من هذا التعديل الزمني، واعتبر أن الفوائد خاصة في مجال الطاقة شبه منعدمة، موضحاً أن ما يتم توفيره من إضاءة خلال ساعات المساء يُهدر مجدداً في الصباح الباكر، حين يضطر المواطنون إلى تشغيل المصابيح لفترات أطول، وأضاف أن الاقتصاد الوطني في ظل انخراطه في منظومة العولمة بحاجة إلى مرونة زمنية أكبر لمواكبة تنوع الأسواق الدولية، خصوصاً تلك الواقعة خارج الفضاء الأوروبي، وشكك في أهمية التمسك بساعة واحدة تُقيّد التوقيت الوطني، في وقت تتطلب فيه الشراكات مع آسيا وأمريكا الشمالية توازناً زمنياً أكثر تعقيداً، معتبراً أن المواءمة بين التوقيت المغربي وتوقيتات تلك الدول تمثل تحدياً حقيقياً يصعب تجاوزه بمجرد إضافة ساعة.

التوقيت العالمي الموحد

يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن الرجوع إلى التوقيت العالمي الموحد لا يحمل فقط أبعاداً نفسية إيجابية، بل قد يترتب عليه أيضاً فوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة، وأوضح أن اعتماد التوقيت القديم سيسمح بتنظيم أفضل لأوقات العمل سواء بالبدء المبكر أو الانتهاء المبكر، ما من شأنه أن يخفف من الازدحام ويقلل الضغط على وسائل النقل، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الحياة اليومية والاقتصاد المحلي، وأكد جدري أن الساعة الإضافية المعتمدة حالياً لا تُحدث أثراً اقتصادياً حقيقياً بل تُعد مصدر إرباك عام، داعياً إلى توافق مجتمعي للعودة إلى التوقيت الذي اعتاد عليه المغاربة.

الاستياء من فرض الساعة الإضافية

من جهته عبّر عبد الواحد زيات رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، عن استيائه من الاستمرار في فرض الساعة الإضافية دون الاستناد إلى دراسات دقيقة توضح تأثيراتها الحقيقية خاصة خلال فصل الشتاء، وأكد أن الإبقاء على هذا التوقيت طيلة العام يحوله إلى عبء دائم يُفرض على المواطنين دون خيار، مشيراً إلى ما يسببه من ضغوط نفسية وإرباك يومي تمس مختلف الفئات من أطفال وتلاميذ إلى أسر وشباب، وانتقد زيات غياب الشفافية الحكومية في هذا الملف لافتاً إلى أن لا الحكومات السابقة ولا الحالية قدمت توضيحات أو نتائج ملموسة لدراسات تبرر هذا القرار.

خروج مبكر ومعاناة يومية

انتقد عبد الواحد زيات الفاعل المدني ورئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، تجاهل الحكومة لتأثير التوقيت الصيفي بالمغرب على نمط حياة المواطنين، خاصة خلال فصلي الخريف والشتاء، حيث يُجبر الناس على الخروج في ساعات شديدة البرودة وظلام دامس، وأوضح أن المبررات الحكومية مثل تقليص استهلاك الطاقة وتأخير استخدام الإنارة لا تصمد أمام الواقع، إذ تبقى غير مقنعة ومبنية على تقديرات لا تُعبر عن التجربة اليومية للمواطنين، وشدد زيات على ضرورة إنجاز دراسة محايدة وشاملة تقارب الموضوع من زوايا علمية واجتماعية واقتصادية، مؤكداً أن أي دراسة تُعدها الجهات التي أقرّت هذا التوقيت ستكون موضع شك من حيث الحياد والمصداقية، وأضاف أن استمرار فرض هذا التوقيت دون نقاش عمومي أو نتائج ملموسة يعمّق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات.

الساعة الإضافية.. حق ضائع

وفي سياق متصل جدد زيات رفضه التام للإبقاء على الساعة الإضافية طيلة العام، واصفاً إياها بـ”الساعة الإجبارية غير المبررة”، التي لا يمكن قبولها إلا في إطار محدود كتوقيت صيفي مؤقت، واعتبر أن هذا القرار يمس بشكل مباشر حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في التعليم والصحة والعيش في بيئة ملائمة، ووجّه دعوة صريحة للدولة بأن تكون في صف المواطنين وأن تسعى لتأمين راحتهم النفسية والجسدية بدلاً من زيادة معاناتهم اليومية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *