أدّت الحرارة المرتفعة نسبيا بالمغرب خلال الظرفية الراهنة إلى هطول أمطار رعدية قوية بمجموعة من المناطق، ولاسيما الجبلية منها، ما أفضى إلى حدوث سيول قوية، وذلك في ظاهرة مناخية تتكرر صيف كل سنة، ما يطلق بشكل موسمي مطالبَ بالرفع من مستويات التحسيس واليقظة. وأصدرت المديرية العامة للأرصاد الجوية، الأربعاء، نشرة إنذارية من مستوى يقظة برتقالي تهم زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبوب الرياح، ما بين 15 و25 ملم، مرتقبة بأقاليم: الحاجب، إفران، وبولمان، صفرو، تازة، خنيفرة، أزيلال، بني ملال وميدلت، وتحديدا خلال الفترة الممتدة ما بين الساعة الثانية بعد الزوال والعاشرة مساء. وقال خبراء إن ظروفا مناخية متداخلة تساهم في حدوث هذه الزخات الرعدية القوية خلال شهور الصيف بالتحديد، من بينها ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة في الهواء، داعين في هذا الإطار إلى الحرص على مواكبة هذه الظروف المناخية بالرفع من منسوب اليقظة وتحسيس المحليين. وأفاد محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بأن “هطول هذه الأمطار الرعدية يستوجب تحقّق شرطين أساسيين هما: الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة في الجو، وهما شرطان يتحققان فعليا بالمغرب في فترات مهمة من السنة”. وأوضح قروق، ضمن إفادات قدّمها لهسبريس، أن “الكتل الهوائية الحارة ترتفع إلى الأعلى وتصطدم بكتل هوائية باردة تساهم في تخفيض حرارتها؛ بمعنى أن الهواء الحار المتصاعد نحو الأعلى، الغني بالرطوبة، يبرد بفعل ملامسته كتلا هوائية باردة، متسبّبا بذلك في أمطار وزخّات رعدية قوية”. وبيّن المتخصص ذاته أن “العواصف الناجمة عن هذه الظاهرة المناخية تحصل في جميع المناطق الجبلية بالمغرب بدون استثناء، خصوصا في فترة ما قبل وبعد الظهر بالتحديد من كل يوم، وذلك بعد أن تبلغ الحرارة أوجها”. كما دعا المتحدث إلى “الاستفادة من الموارد المائية التي تنتج عن هذه الأمطار الرعدية التي تكون طوفانية في بعض الأحيان، مع معرفة طريقة التعامل معها لتجنب الخسائر المادية والبشرية، ولاسيما أن هذه الأمطار تكون قوية بالفعل إذا هطلت خلال مدة زمنية قصيرة”. من جهته أكد مصطفى بنرامل، خبير بيئي رئيس “جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ”، أن “هذا النوع من الأمطار التي تابعناها، التي سنكون على موعد معها أيضا خلال فترة الصيف، تدخل في نطاق الأمطار الرعدية”. وبحسب بنرامل، الذي تحدّث لهسبريس، فإن “ظواهر مناخية متداخلة تكون وراء هذه الأمطار، بما فيها صعود الكتل الهوائية الرطبة القادمة من الجنوب، مع قدوم كتل هوائية باردة ورطبة من الشمال ومن جهة المحيط الأطلسي”. وذكر المتحدث ذاته أن “القائمين على مراقبة شؤون الطقس بالمغرب مطالبون بنشر تحذيرات دورية تنبّه إلى حدوث مثل هذه الأمطار الرعدية، حتى يتجنب المواطنون الأودية والأنهار الجارفة؛ ما من شأنه أن يحول دون تسجيل خسائر مادية وبشرية”، موضحا أن “مسؤولية المجتمع المدني والجماعات المحلية قائمة في هذا الجانب أيضا”. تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الزخات الرعدية سبق أن أحدثت خسائر ماجية وبشرية بعدد من المناطق، ولاسيما ما حدث بمنطقة تيزيرت بإقليم تارودانت صيف سنة 2019، وذلك بعدما باغتت سيولٌ جارفة ملعباً لكرة القدم مُقاما بجانب واد محدود النشاط.