تسعى مصر بقوة لتثبيت مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، حيث أصبحت تصدير الكهرباء أحد أهم المحاور في استراتيجيتها الاقتصادية.

وخلال السنوات الأخيرة، شهد قطاع الكهرباء في مصر تطورات كبيرة، حولت البلاد من حالة العجز في الطاقة إلى فائض كبير يمكنها من تصدير الكهرباء إلى دول الجوار والقارات المجاورة.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أحدث التطورات حول تصدير الكهرباء المصرية إلى دول الجوار.

من العجز إلى الفائض: رحلة مصر في قطاع الكهرباء

وفي عام 2014، كانت مصر تعاني من عجز في الطاقة الكهربائية بلغ حوالي 6 آلاف ميجاوات، مما تسبب في انقطاعات متكررة للتيار.

ومع ذلك، نجحت الحكومة المصرية في تنفيذ استراتيجية طموحة لتطوير قطاع الكهرباء، حيث وصل إجمالي القدرة الإنتاجية للشبكة القومية إلى حوالي 59 ألف ميجاوات بنهاية عام 2024، مع فائض يقدر بحوالي 23 ألف ميجاوات.

وهذا الفائض جعل مصر قادرة على تلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة خلال ذروة الصيف التي سجلت استهلاكاً قياسياً وصل إلى 36 ألف ميجاوات، مع الاحتفاظ بقدرة كبيرة للتصدير.

مشروعات الطاقة المتجددة تدعم التصدير

وتعد الطاقة المتجددة أحد أهم ركائز استراتيجية مصر لتصدير الكهرباء، حيث شهدت البلاد طفرة في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، الذي ينتج 1465 ميجاوات بتكلفة استثمارية تجاوزت 2 مليار دولار.

كما أكملت شركة "تشاينا إنرجي" مؤخراً محطة طاقة شمسية في كوم أمبو بقدرة 560 ميجاوات، تساهم في توفير الكهرباء لـ256 ألف أسرة سنوياً، مع تقليل انبعاثات الكربون بنحو 760 ألف طن.

وفي يونيو 2025، وقعت مصر اتفاقية مع شركة "سكاتك" النرويجية لشراء الكهرباء من مزرعة رياح "شدوان" بقدرة 900 ميجاوات، باستثمارات تصل إلى مليار دولار.

الربط الكهربائي: جسر التصدير إلى الدول المجاورة

وتعمل مصر على توسيع شبكات الربط الكهربائي مع الدول المجاورة لتعزيز صادراتها. ترتبط مصر حالياً بشبكات كهربائية مع الأردن، ليبيا، فلسطين، والسودان، بإجمالي قدرات تصديرية تقارب 600 ميجاوات. 
وفي يونيو 2025، أعلنت مصر عن مضاعفة إمدادات الكهرباء إلى الأردن لتصل إلى 400 ميجاوات يومياً، استجابة لتوقف إمدادات الغاز الإسرائيلية بسبب التوترات الإقليمية.

كما يتقدم مشروع الربط الكهربائي مع السعودية بنسبة تنفيذ 76.9% حتى مايو 2025، بقدرة تبادل تصل إلى 3000 ميجاوات، مما يعزز مكانة مصر كمحور إقليمي للطاقة.

تصدير الكهرباء إلى أوروبا

وتطمح مصر لتصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر مشروعات الربط الكهربائي البحري، وفي فبراير 2023، أعلنت شركة "سكاتك" النرويجية عن خطط لتصدير الكهرباء من مصر إلى أوروبا عبر اليونان، بقدرة تتراوح بين 2000 و3000 ميجاوات، عبر خط بحري بطول 900 كيلومتر.

وهذا المشروع، الذي يدعمه الحكومتان المصرية والنرويجية، يهدف إلى استغلال الفائض الكهربائي المصري والطاقة المتجددة لتلبية احتياجات أوروبا المتزايدة.

مستقبل واعد

وتظل مصر ملتزمة بتحقيق رؤيتها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، ومع استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة، وتوسع في مشروعات الربط الكهربائي، وفائض إنتاجي كبير، تمتلك مصر الإمكانات لتلبية احتياجاتها المحلية وتصدير الكهرباء إلى أفريقيا وأوروبا.

وهذه الطفرة ليست فقط إنجازاً اقتصادياً، بل خطوة نحو تحقيق الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية، مما يعزز مكانة مصر كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي.