شيوخ القبائل الصحراوية يتشبثون بالشرعية التاريخية والدفاع عن الوحدة الترابية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة

جدد شيوخ القبائل الصحراوية، خلال ندوة وطنية نظمت اليوم السبت بمدينة العيون تحت شعار “الصحراء المغربية: من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”، التأكيد على التزامهم الثابت بالوحدة الترابية للمملكة، وتشبثهم القوي بالعرش العلوي، معتبرين أن قضية الصحراء ليست مجرد ملف سياسي أو نزاع إقليمي، بل عنوان للوفاء التاريخي ومرتكز للهوية الوطنية الجامعة.

جاء ذلك على لسان سيدي حسنا الإدريسي، الذي ألقى كلمة باسم مؤسسة الشيوخ، شدد فيها على أن مكونات المجتمع الصحراوي من شيوخ وأعيان ووجهاء ظلوا عبر العقود صمام أمان في وجه حملات التشويش والتضليل، مشيرا إلى أن “شهاداتهم أمام الهيئات الأممية، ومواقفهم الراسخة في الميدان، تعد امتدادا لنضال تاريخي عريق توارثته الأجيال دفاعاعن مغربية الأرض والإنسان.

ونوه المتحدث بمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب سنة 2007 للطي النهائي للملف، واصفا إياها بأنها تجسيد لحكمة الدولة المغربية في التعاطي مع النزاع المفتعل، ومبادرة نالت اعترافا دوليا متزايدا بجديتها ومصداقيتها كإطار لحل سياسي نهائي ومتوافق عليه.

كما توقف الإدريسي أيضا عند الدينامية التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، معتبرا أن ما تحقق من مشاريع كبرى وبنيات تحتية متطورة لا يعكس فقط الإرادة السياسية الواضحة للمملكة، بل كذلك التزاما استراتيجيا بجعل الصحراء قطبا اقتصاديا قاريا، ومجالا لإشعاع النموذج التنموي المغربي.

في المقابل، رفض شيوخ القبائل أي محاولة للمساس بوحدة التراب الوطني، مؤكدين أن ساكنة الصحراء ظلت في طليعة المدافعين عن السيادة المغربية، وأن التلاحم بين الدولة ومكونات المجتمع المحلي يشكل درعا منيعا في مواجهة كل المناورات.

وفي ختام الكلمة، دعت التمثيلية التقليدية للصحراويين إلى مواصلة اليقظة والانخراط الإيجابي في مواجهة التحديات، من خلال تعميق التعبئة الشعبية وتكثيف الترافع المؤسساتي، تأكيدا على أن “الصحراء ستظل كما كانت قضية وجود لا قضية حدود”، مشددة على أن “الشيوخ سيظلون في قلب هذه المعركة الوطنية حتى تحقيق النصر الكامل”.

“مسار التسوية”

بدوره، قال حسن عبد الخالق، السفير المغربي السابق بالجزائر، إن قضية الصحراء المغربية انطلقت في سياق دولي شديد التعقيد، اتسم بهيمنة منطق الحرب الباردة والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، الشيء الذي انعكس بشكل مباشر على سنواتها الأولى، خاصة على مستوى القارة الإفريقية التي كانت آنذاك مسرحا لنفوذ إيديولوجي مضاد للوحدة الترابية للمملكة.

وأوضح عبد الخالق، في مداخلة له خلال الجلسة الموضوعاتية الخاصة بالبعد التاريخي والسياسي للنزاع، أن المغرب، في ظل هذه التحديات، اختار منذ البداية نهج الحلول السلمية، وسعى إلى إيجاد مخرج سياسي توافقي لهذا النزاع المفتعل؛ غير أن إغلاق الحدود البرية من طرف الجزائر وإجهاض مشروع الاتحاد المغاربي، الذي كان ينتظر منه أن يشكل إطارا ملائما لتسوية القضية، عرقل الجهود الإقليمية وأفشل أحد أهم رهانات الاستقرار في المنطقة.

وسجل عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن مرحلة التسعينات شهدت تحولا جذريا على الصعيد الدولي، عقب سقوط جدار برلين وانهيار الثنائية القطبية، وهو ما أتاح ـ وفق المتحدث ـ بروز مقاربات جديدة لتسوية النزاعات، من بينها تأكيد الأمم المتحدة ضرورة تجاوز خيار الاستفتاء القائم على عملية غير دقيقة لتحديد الهوية وما رافقها من محاولات لإقصاء شرائح واسعة من الصحراويين من حقهم في التعبير عن انتمائهم الوطني.

وأبرز عبد الخالق أن المغرب عبر طرحه مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، قدم تصورا براغماتيا متقدما يحظى بمصداقية دولية متنامية، باعتباره حلا واقعيا ومتوافقا عليه، يضمن للسكان الصحراويين تدبير شؤونهم ضمن السيادة المغربية، مضيفا أن “هذا الطرح قوبل برفض تام من الطرف الآخر الذي لجأ إلى الترويج لأفكار التقسيم وصياغة مخططات بديلة لا تحظى بأي مشروعية أو تأييد أممي”.

كما أكد الدبلوماسي السابق أن استعادة المغرب مقعده داخل الاتحاد الإفريقي شكل منعطفا استراتيجيا، توّج بصدور القرار 690 الذي أكد على حصرية إشراف الأمم المتحدة على الملف، وهو ما قطع الطريق أمام محاولات التسييس والانحراف عن مسار التسوية الأممي.

وأكمل حسن عبد الخالق مداخلته بالتأكيد على أن المغرب حقق في السنوات الأخيرة مكاسب دبلوماسية مهمة، أبرزها توالي الاعترافات بمبادرة الحكم الذاتي من قبل دول وازنة، من بينها ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلا عن تقلص كبير في عدد الدول التي تعترف بالكيان الانفصالي، معتبرا أن “القرارات الأممية، بما فيها القرار الأخير، كرست مرجعية 2007″، معربا عن “التطلع إلى قرار جديد يترجم حق المغرب في استكمال وحدته الترابية ويعزز من جديد زخم الدعم الدولي المتزايد لموقفه السيادي المشروع”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق