أكدت دراسة أكاديمية حديثة الصدور “الحاجة الملحة إلى تطوير الإطار القانوني للمجالس الجهوية للحسابات، وتحقيق الأهداف المرجوة من ممارستها الرقابة على إجراءات تنفيذ الميزانية من قبل الجماعات الترابية”.
وأشارت الدراسة، المنشورة في عدد يونيو الجاري من مجلة “قراءات علمية في الأبحاث والدراسات”، إلى “عدم كفاية الموارد البشرية التي تتوفر عليها المجالس الجهوية للحسابات لممارسة الاختصاصات المتعددة الموكولة إليها، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار العدد الكبير من المؤسسات والأجهزة التي تقع ضمن نطاق مراقبتها، ما يستدعي ضرورة الحرص على تعزيز هذه المجالس بالوسائل المادية والبشرية اللازمة كذلك”.
ومن شأن ذلك، وفق المصدر ذاته، “ضمان قدرة هذه المؤسسات الجهوية على الاضطلاع بمهامها بكفاءة، ومن ثم تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في حماية وصون حماية المال العام ودعم التدبير الجيد له”.
وفي انتظار مراجعة مدونة المحاكم المالية شددت الدراسة المعنونة بـ”رقابة المجالس الجهوية للحسابات على إجراءات تنفيذ الميزانية: الاختصاص الغائب الحاضر بين النص القانوني والتحديات العملية”، على أنه “يتعين على سلطات المراقبة الإدارية، ممثلة في وزير الداخلية والولاة والعمال، أن تضطلع بدورها في إحالة القضايا المتعلقة بالإجراءات المرتبطة بتنفيذ الميزانية على المجالس الجهوية للحسابات وتفعيل مقتضيات المادة 142 من المدونة”.
وذكر المصدر الأكاديمي ذاته أن “اختصاص مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية يعتبر من ضمن الاختصاصات التي تمارسها المجالس الجهوية المذكورة، ويكرس دور المساعدة التقنية التي تقدمها هذه الأخيرة للسلطات في ميادين المراقبة الموكولة إليها بمقتضى القوانين، مع مساهمته في اكتشاف أخطاء يمكن أن تستوجب إيقاع العقوبات التأديبية ويمنح المجلس فكرة عن الجماعات التي يمكن أن يُخضعها لمراقبة التسيير”.
وأوضحت الوثيقة نفسها أنه “رغم أهمية هذا الاختصاص إلا أنه يواجه إشكاليات تحد من فعاليته”، وزادت: “أدّى انحصار إحالة القضايا المتعلقة بتنفيذ الميزانية من طرف سلطات المراقبة الإدارية على المجالس الجهوية للحسابات في الملفات المرتبطة برفض الحسابات الإدارية إلى عرقلة تطوير تجربة هذه المجالس في ممارسة هذا الاختصاص”.
كما كشفت الدراسة أن المشرّع، من خلال مدونة المحاكم المالية، “لم يكن موفقا في تنظيم الاختصاص المذكور، إذ خصص له خمس مواد فقط، مقارنة باختصاصات أخرى نالت حيزا أوسع من النصوص التنظيمية”، مشيرة إلى أن “المادة 142 لم تحدد بوضوح طبيعة أو نوعية الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية … ما جعل ممارسة هذا الاختصاص غير ممكنة من طرف المجالس بشكل تلقائي”.
وتجلّى ذلك بصراحة، وفق المصدر ذاته، في “تراجع عدد الملفات المُحالة على المجالس الجهوية للحسابات خلال الفترة ما بين 2005 و2017 بخصوص إبداء الرأي في الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية، التي ارتبطت أساسا بإحالة الحسابات الإدارية”.
وارتباطا بمراجعة مدونة المحاكم المالية أوصت الدراسة عينها المشرع المغربي بـ”الإبقاء على اختصاص مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية، نظرا لأهميته في تعزيز شفافية وفعالية التدبير المالي، وبتحديد الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية التي ينبغي أن تشملها هذه المراقبة، مع منح المجالس الجهوية للحسابات المرونة اللازمة لإدراج إجراءات أخرى قد تبرز أهميتها من خلال الممارسة الفعلية”.
0 تعليق