علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع بتوجيه المصالح المختصة بالإدارة المركزية تعليمات صارمة إلى عمال العمالات والأقاليم والمقاطعات، تقضي بإعداد تقارير مفصلة حول وضعية الأسواق النموذجية “المهجورة” داخل دوائر نفوذهم الترابي، وذلك على خلفية تسارع وتيرة محاربة احتلال الملك العمومي وتناسل الأسواق العشوائية، وتنامي منسوب الاحتجاجات في صفوف التجار والباعة الجائلين، موضحة أنه تم تزويد المسؤولين الترابيين بتقارير منجزة من قبل لجان للمفتشية العامة للإدارة الترابية حول تعثر افتتاح عدد كبير من هذه الأسواق، رغم رصد تمويلات ضخمة لإنجازها في إطار مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ ظلت العديد من هذه المنشآت مهجورة لسنوات، دون أن تحقق أهدافها في تنظيم التجارة وتحسين ظروف الباعة.
وأكدت المصادر ذاتها أن التعليمات الجديدة شملت العمال الجدد، المنخرطين في حملات مكثفة لهدم البناء العشوائي والقضاء على الأسواق غير المهيكلة واحتواء انتشار الباعة الجائلين، خصوصا في أقاليم جهة الدار البيضاء- سطات، موردة أن فحص وضعية الأسواق النموذجية سيمكن من الوقوف على حجم التجاوزات والاختلالات التي تعتري مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ ينتظر أن تطيح عمليات التدقيق من قبل المسؤولين الترابيين برؤوس فاسدة، خصوصا في بعض أقسام العمل الاجتماعي بعمالات، متهمة بالتلاعب في تمويل مشاريع، خصوصا الأسواق المشار إليها، ومشددة على أن تقارير التفتيش الموجودة بين يدي المسؤولين أشارت إلى مشاريع لم تر النور، ولم تجد طريقها إلى النجاح، لأسباب تتعلق بطريقة التسيير المعتمدة من قبل عدد من مسؤولي الجمعيات المستفيدة، بتواطؤ مع مسؤولين في الأقسام المشار إليها.
وأفادت مصادر الجريدة بإشارة تقارير التفتيش المنجزة من قبل لجان مركزية إلى مساهمة غياب المراقبة الميدانية بشكل كبير في تفشي ظاهرة استغلال الأموال العمومية المخصصة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وحصر المراقبة فقط في التدقيق في الوثائق من قبل لجان الافتحاص، بل والاكتفاء بالتدقيق في مشروعين أو ثلاثة من أصل آلاف المشاريع التي استفاد أصحابها من تمويلات مهمة، مردفة بأن رؤساء أقسام العمل الاجتماعي في بعض العمالات لم يتمكنوا من تبرير أسباب تزايد عدد مشاريع المبادرة التي لم تخرج إلى الوجود، ومبرزة أن تقارير المسؤولين الترابيين ستحال في غضون الأسابيع المقبلة على المصالح المركزية، لغاية تحليل بياناتها، في سياق إعداد خطة تدخل لإنقاذ مشاريع الأسواق النموذجية بمختلف جهات المملكة.
يشار إلى أن توسع المدن وتزايد الهجرة القروية نتيجة الجفاف والتقلبات المناخية وغياب فرص الشغل من أبرز ما ساهم في تفاقم ظاهرة الباعة المتجولين، فيما زاد غياب إستراتيجية واضحة لدى السلطات العمومية من تعقيد الوضع، إذ ارتبط تنامي الأسواق العشوائية أساسا بفشل تجربة الأسواق النموذجية، التي تفتقر إلى التجهيزات الضرورية والبنيات التحتية والمرافق الصحية، علما أن توزيع هذه الأسواق شابته اختلالات عديدة أثرت على فعاليتها، خصوصا أن معالجة الظاهرة تتطلب إصلاحا جذريا للمنظومة، مع إشراك كافة الفاعلين المحليين، إضافة إلى ضرورة اعتماد مقاربة مندمجة توازن بين التنظيم الاقتصادي والاستجابة للواقع الاجتماعي.
وكشفت مصادر هسبريس عن تعميم المصالح المركزية المختصة بوزارة الداخلية تعليمات على عمال الأقاليم، خصوصا المعينين الجدد على رأس الإدارات الترابية بمختلف أقاليم وجهات المملكة، بتفعيل قرارات تحرير ملك عمومي وهدم مجمدة، يعود بعضها إلى فترات مسؤولين ترابيين سابقين، وذلك بالتنسيق مع المصالح المعنية في عمالاتهم، متابعة بأن هذه التعليمات الجديدة حفزت عملية إعادة إحصاء ومراجعة لسجلات مستودعات عشوائية شيدت بطرق غير قانونية ولم تهدم سابقا، وذلك بناء على محاضر مخالفات رفعت من قبل رجال سلطة (باشوات وقواد)، لم يتم الحسم فيها بالتأشير والتحويل إلى المحاكم لاتخاذ المساطر القانونية اللازمة بشأنها.
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.
0 تعليق