أكاديمية المملكة تسلّم شارات العضوية لأربعة مثقفين من المغرب وتونس

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة

احتضن مقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، اليوم الأربعاء، جلستين رسميتين، لتنصيب أربعة أعضاء جدد، جرى توشيحهم بشارة العضوية والتعريف بمسارهم العلمي والأكاديمي والمهني، وإبراز تراكماتهم الفكرية والمعرفية، بحضور عدد من أعضاء الأكاديمية وشخصيات فكرية وثقافية.

يتعلق الأمر بكل من العضوين الشرفيّين التونسية فوزية الشرفي والمغربي محمد الساوري، والعضو المشارك التونسي المنصف بن عبد الجليل، والعضو المقيم المغربي أحمد بوكوس.

في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية قالت فوزية الشرفي، عضو أكاديمية المملكة: “شرفت كثيرا بأن أكون عضوا شرفيا في أكاديمية المملكة المغربية، بوصفها مؤسسة مرموقة ومتطلّبة في الانتقاء، وأن أسهم بمعارفي حول العلم والعالم الأكاديمي والجامعي”.

وأضافت الشرفي: “ما يحركني منذ بدأت العمل في أواسط ستينيات القرن العشرين هو مستقبل البلد، والنهوض بالعلم، ومستقبل شبابنا، ومن المهم لي أن تكون لنا القدرة دائما على أن نكون في مقدمة الخشبة من أجل تطوير العلوم”، ثم أردفت: “العلوم اليوم في كل مكان، وكان اليوم مناسبة لأتحدث عن استقلالية الفكر، والعودة إلى تاريخ العلوم في بلاد الإسلام لمدة قرون، حين كانت علوما دولية تكتب باللغة العربية؛ وفي الآن ذاته اعتنت بالتراث واليونان والهنود وفارس… هذه الذهنية ينبغي أن تبقى حاضرة فينا دائما”.

وواصلت المتحدثة ذاتها: “هذا التاريخ الغني يقدّم العقلانية، وحرية الفكر، وإرادة التقدم؛ ولهذا أشدّد على أن شبابنا ينبغي أن يكونوا في ظلّ هذه الذهنية لا في ظلال ذهنية النوستالجيا غير الجيّدة. واليوم مع كل المقدرات التقنية ينبغي أن نقول إنه رغم كوننا لم نكتشف هذه التكنولوجيات إلا أن علينا استعمالها، وأن نطوّر العالم، لا أن نكون رهينين بعلمٍ حاليّ. وهو ما أظن أن الشباب على مقدرة فعله، بعيدا عن الإيديولوجيات والأفكار الشمولية، بمنطق قيم المشاركة، والترافع من أجل مجتمع المعرفة على مستوى كل الإنسانية”.

محمد الساوري، عضو أكاديمية المملكة المغربية، صرّح لهسبريس بأنه “يعرب عن صادق امتنانه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي عينه عضوا شرفيا داخل هذه المؤسسة”، بعد درسه الذي ألقاه بمناسبة تسلم شارة أكاديمية المملكة حول “القيم داخل الجامعة المغربية”.

أحمد بوكوس، عضو أكاديمية المملكة المغربية، ذكر بدوره لهسبريس أن “هذه العضوية في أكاديمية المملكة المغربية تشرّفه شخصيا، وتشرّف كذلك الأمازيغية ببلادنا، والمهتمين بهذه اللغة وهذه الثقافة؛ وهذا التشريف تكليف كذلك”.

وزاد بوكوس: “مسطرة المؤسسة تقتضي أن جميع الأعضاء الجدد يتقدمون بعرض يسمى درسا، واخترت عرضا موضوعه المنظومة اللغوية والثقافية المغربية. والسؤال الرئيسي هو كيف تتفاعل المنظومة مع ما يحدث من تقلبات وتحولات ناتجة عن تسارع تاريخي تعيشه البشرية بأكملها. ومن خلال اهتمامي ببعض أوجه الثقافة والسوق اللغوية ببلدنا، واطلاعي على بعض مؤلفات المفكرين المغاربة؛ أقول إن الأمر المتعلق بمنظومة ثقافية لغوية قد انكب عليه المفكرون منذ زمان، ولكن ما يبدو أن هؤلاء المفكرين قاربوا الموضوع من خلال تيمة الأزمة؛ أزمة الثقافة وأزمة المثقف”.

ويكشف الأكاديمي ذاته وفق تصريحه “الخلفية الثاوية وراء سردية ‘الأزمة’ هذه؛ وهي أن المثقف القديمَ الجديد هو في وضعية تراجع المرتبة والموقع الاجتماعي، وتحوّل الموقع بفعل عملية استبدال مثقف بآخر، ففئة اجتماعية بأكملها تعنى بالفكر بفئة أخرى… والسؤال أيضا هو: هل الفئة المثقفة الجديدة من إعلام ومؤثرين وصانعي محتوى مؤهلة للقيام بالأدوار التي كان يقوم بها المثقفون من الجيل القديم أم لا؟”.

أما المنصف بن عبد الجليل، عضو أكاديمية المملكة المغربية، فقال لهسبريس إنه “سعيد جدا ويتشرف بالانتماء إلى أكاديمية المملكة المغربية، نظرا للتنوع العلمي داخلها”، مضيفا: “أنا عضو في الأكاديمية التونسية أيضا؛ لكن هذا التقارب بين المفكرين، والعلماء، والباحثين المغاربة والتونسيين، ما شجعني على أن أكون جزءا من الأكاديمية المغربية”.

وحول درسه بعد تسليمه شارة الأكاديمية ذكر بن عبد الجليل أنه يتحدث عن “استعمال علم الآثار، وخاصة ما يمكن أن نستفيده من اكتشاف نقوش يمنية قديمة بحرف المسند، حول ثلاث مسائل كبرى، أولاها تكوُّن بوادر الشعر ومتى تمّ ذلك؛ حيث يمكننا الآن العودة إلى القرن الميلادي الأول تاريخ أول نقش نص موزون يمكن اعتباره شعرا باليمن”.

وواصل المتحدث: “الأمر الثاني هو أننا صرنا نجد بعض الكلمات والعبارات والسرديات المقترضة في القرآن الكريم من الحضارة اليمنية، ولذلك توجد دعوة بحثية مهمة للغاية بضرورة العودة إلى الحضارة اليمنية القديمة، وخاصة فترة سيادة الحِميَريّين، لنفهم ما لم يفهمه المفسرون من أصول تلك الكلمات والعبارات. أما المسألة الثالثة المهمة للغاية فهي أن كثيرا من الباحثين يتساءلون عن نوعية العربية القرآنية. وأظن أن النقوش التي تحدثت عنها فيها ما يسمى اللسان القفاعيّ، وهو جزء من خولان اليمنية، ودخلت كلمات من هذه اللهجة الثقافة القرآنية، وهذا يدل على أننا كنا في طور ما تسمى المرحلة الانتقالية في تشكل اللغة العربية، حين تأثّرت باللهجات اليمنية القديمة، وصولا إلى ما ستسمى في ما بعد اللغة العربية المقعّدة”.

تجدر الإشارة إلى أن أكاديمية المملكة المغربية المؤسسة سنة 1977 أعيد تنظيمها سنة 2021 برسم القانون رقم 74.19، وألحق بها المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، وأحدث في إطارها “المعهد الأكاديمي للفنون” و”الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة”.

وتناط بالأكاديمية مهمة “الإسهام في تحقيق التقدم الفكري والعلمي والثقافي للمملكة”، كما تعمل، في ضوء المرجعيات الدستورية والتوجهات العامة للدولة، على “التعريف بمقوّمات الهوية الوطنية بكل مكوناتها وروافدها، وعلى نشر القيم والمبادئ الكونية المرسِّخَة للحوار بين الثقافات والحضارات”.

ومن أدوار الأكاديمية “تقديم كل اقتراح أو توصية للسلطات والهيئات العمومية، ولاسيما تلك المكلفة بالتربية والتكوين والثقافة والبحث العلمي، بهدف التحفيز على تنمية المعرفة والإبداع الفكري والفني، وتطوير البحث العلمي، والإسهام في نشر الأعمال العلمية المتميّزة، باسمها، والإسهام في التعريف بتاريخ المغرب عبر دعم وتشجيع ونشر الدراسات والأبحاث ذات الصلة بالمجال، والإسهام في ترجمة المؤلفات والدراسات والأبحاث العلمية المرجعية الأصيلة في مجال اختصاصها، والإسهام في تنمية الإبداع الفني والاعتناء بالفنون والتراث الفني المغربي الأصيل بكل روافده وتعبيراته”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق