ولد الرشيد: الصحراء قضية أمة ومجال متجدد للتنمية والترافع البرلماني

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة

قال محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، إن تنظيم ندوة وطنية تعنى بمستقبل النزاع الإقليمي المفتعل حول نزاع الصحراء المغربية بمدينة العيون يجسد المكانة المحورية التي باتت تحتلها الأقاليم الجنوبية في مسار استكمال الوحدة الترابية، ويعكس في الآن ذاته حجم التحولات التنموية الكبرى التي شهدتها هذه الربوع بفضل الرؤية الملكية المتبصرة.

وفي كلمة له خلال افتتاح الندوة الوطنية المنظمة اليوم السبت، تحت شعار “الصحراء المغربية: من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”، سلط رئيس الغرفة الثانية الضوء على المسار الاستراتيجي الذي أطلقه المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عبر المسيرة الخضراء، والذي وجد امتداده الطبيعي في عهد الملك محمد السادس، من خلال تبني نموذج تنموي متكامل يقوم على الاستثمار في الإنسان والمجال، وتفعيل ورش الجهوية المتقدمة باعتباره رافعة لتحقيق العدالة المجالية والتنمية المندمجة.

وأكد ولد الرشيد أن ما تحقق على الأرض من مشاريع مهيكلة وأوراش كبرى في الأقاليم الجنوبية، ما هو إلا ترجمة عملية لالتزام وطني راسخ، ونهج يرتكز على وضوح الرؤية، وجدية الفعل والاستباقية في الأداء، الشيء الذي جعل من هذه المنطقة نموذجا تنمويا متميزا على الصعيد الوطني.

وبخصوص تعزيز الشرعية الديمقراطية، توقف رئيس مجلس المستشارين عند الدور المحوري الذي اضطلعت به قبائل الصحراء المغربية وشيوخها في تجسيد الولاء للعرش، مشددا على المكانة الاعتبارية للمنتخبين باعتبارهم ممثلين شرعيين لساكنة الأقاليم الجنوبية، كما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء.

ولم يفوت ولد الرشيد المناسبة دون التأكيد على التحولات الإيجابية التي يعرفها المسار الدبلوماسي المغربي، مستعرضا المكتسبات المتزايدة التي حققتها المملكة على صعيد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي للنزاع الإقليمي المفتعل، بفضل الرؤية الملكية التي جعلت من التنمية رافعة لتعزيز السيادة الوطنية، ومن تقوية الجبهة الداخلية قاعدة صلبة للترافع الخارجي.

وفي هذا الصدد، نوه رئيس مجلس المستشارين بالدور الترافعي للقوى الوطنية الممثلة في الغرفة الثانية، من أحزاب وتنظيمات نقابية وهيئات مهنية، مبرزا أن مجلس المستشارين جعل من الصحراء المغربية أولوية جوهرية في رؤيته الاستراتيجية، من خلال إحداث مجموعة عمل موضوعاتية مؤقتة حول القضية الوطنية الأولى، بهدف إنتاج رؤى ومقاربات استشرافية تدعم الجهد الوطني في الدفاع عن الوحدة الترابية.

وسجل ولد الرشيد أن هذه الندوة تشكل محطة مؤسساتية هامة لتعميق النقاش حول التحديات الراهنة والآفاق المستقبلية لقضية الصحراء المغربية، مشددا على ضرورة الإنصات لتجارب الفاعلين المحليين، وشيوخ القبائل، والنخب الصحراوية، باعتبارهم شركاء أساسيين في تعزيز الوحدة الوطنية والمساهمة في بلورة مخرجات بناءة تدعم الجهود الترافعية للمؤسسة البرلمانية، وتتكامل مع الدبلوماسية الرسمية.

مشروع مجتمعي

من جانبه، أكد لحسن حداد، رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقديم الاستشارة حول “القضية الوطنية الأولى للمغرب”، أن تنظيم الندوة الوطنية بمدينة العيون تحت شعار “من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”، يمثل الإرادة الجماعية لجعل الصحراء المغربية فضاء للحوار وتثبيت السيادة عبر التنمية والانفتاح والتعبئة المواطنة.

وعبر حداد في كلمته بذات المناسبة، عن تقديره للحضور المتنوع من منتخبين، ووجهاء وشيوخ القبائل، وممثلي المجتمع المدني، وبرلمانيين وخبراء، لافتا إلى أن هذه التعبئة تعكس عمق الانخراط الوطني حول قضية الوحدة الترابية التي وصفها بأنها “ليست مسؤولية الدولة فقط، بل قضية أمة بكامل مكوناتها”.

وأوضح المتحدث ذاته أن النقاش حول الصحراء المغربية يتجاوز الدفاع السياسي التقليدي، نحو بناء مقاربة استشرافية تترجم شرعية التاريخ إلى مشاريع تنموية ومؤسسات ومبادرات استراتيجية، معتبرا أن “ما تحققه المملكة من اعترافات دولية داعمة لمبادرة الحكم الذاتي، لا يكتمل إلا بجعل الأقاليم الجنوبية فضاء متكاملا للاستثمار والاندماج الإفريقي والعدالة المجالية”.

ونبه حداد إلى أن “المغرب يربط اليوم موضوع السيادة بالتنمية من خلال تنزيل الجهوية المتقدمة، وإطلاق أوراش البنية التحتية، وترسيخ الأقاليم الجنوبية كبوابات نحو إفريقيا”، قائلا: إن المعادلة لم تعد بين التاريخ والمستقبل، بل بين من يدافع عن التاريخ ويستشرف آفاق المستقبل”.

واستعرض رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية الخطوط الكبرى لعمل المجموعة، والتي ارتكزت على مقاربة تشاركية شملت قضايا التاريخ، والقانون الدولي، والتنمية، والدبلوماسية المؤسساتية، مشيرا إلى أن “الندوة الوطنية تأتي تتويجا لهذا المجهود، ومعبرة عن الوعي البرلماني بأهمية هذه القضية باعتبارها مشروعا مجتمعيا بعيد المدى يتطلب تعبئة مستمرة ومعرفة دقيقة واستباقا فعّالا”.

وأنهى حداد كلمته بالتعبير عن شكره لرئيس مجلس المستشارين على دعمه المتواصل، ولأعضاء المجموعة الموضوعاتية على التزامهم، وكذا لأطر وموظفي المجلس على جهودهم في تنظيم هذا الموعد الوطني، داعيا في الوقت ذاته إلى تحويل هذه المحطة إلى انطلاقة جديدة نحو المزيد من المبادرات الوطنية لترسيخ مغربية الصحراء باعتبارها “قضية وجود لا قضية حدود وكرافعة للوحدة والنماء والانفتاح”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق